دراسته وتحصيله العلمي

أدخله والده الحجَّة السيد موسى (قدس) تحت رعاية وعناية خاصَّة في مدرسة تعليميَّة نموذجيَّة أهليَّة مجازة صباحيَّة تختلف عن دور الكتاتيب المعروفة آنذاك في تطوِّرها النَّافع، وهي مدرسة المرحوم الملاَّ عبَّاس في كرخ بغداد، والَّتي انتسب إليها الكثيرون قبله وفي حينه في بداية حياتهم ممَّن صار بعد ذلك من وجهاء بغداد وعلماءها وعلماء في العراق وخارجه ومنهم بعض أرحامه، فدرس فيها أصول القراءة والكتابة والخط والأدب وتعلَّم القرآن وقواعد تجويده وحفظ عمليَّات الحساب ومبادئ النَّحو والصَّرف والأدب الشِّعري وأتقنها بصورة جيِّدة، بعدها منح شهادة التَّدريس على صغر سنِّه، ثمَّ بعد ذلك دَّرس فيها بعض الطلبة.

وفي نفس الوقت دخل مدرسة أكاديميَّة ابتدائيَّة مسائيَّة، وعند انتهاء مراحلها بنجاح جيِّد وجَّهه والده إلى الدِّراسة الحوزويَّة الَّتي هي سيرة الآباء ومنى الأجداد (أعلى الله مقامهم).

فحضر مقدِّمات العلوم من النَّحو والصَّرف والمعاني والبيان والمنطق والفقه والعقائد أواخر الخمسينات إلى أواسط الستِّينيَّات على طبقة من أهل العلم والفضيلة في بغداد والكاظميَّة، منهم أصحاب السَّماحة الحجج :ـ
1ـ والده السيد موسى (قدس) 2 ـ الشَّيخ محمَّد علي النَّائيني (قدس)
3ـ السيد إسماعيل الصَّدر (قدس) 4 ـ السيد محسن التِّبريزي (قدس)  وغيرهم.
وبعد إنهاء المقدِّمات وبعد بلوغه بفترة وجيزة ارتدى تاج العلم زي النَّبي (ص) والأئمَّة الأطهار (ع) وأجداده العلماء الأعلام (العمَّة)، وكان ذلك في ليلة ولادة الإمام السِّبط الحسن المجتبى في ليلة النِّصف من شهر الصِّيام المبارك وفي حرم الإمامين الكاظمين (ع) للتَّبرُّك، وأفرح بذلك أحباءه وأحباء والده وأسرته من الأقارب وغيرهم وهو في ذلك الوقت يمارس نشاطاته التَّبليغيَّة المهمَّة في حسينيَّة المرحوم والده (رحمة الله) حسينيَّة الكريمات من كرخ بغداد بإلقاء المحاضرات وتوجيه المؤمنين وإمامة الجماعة عند غيبة والده.

وقد نظم ابتهاجاً بهذه المناسبة خاله الحجَّة آية الله السيد محي الدِّين الموسوي الغريفي (قدس) بيتين من الشِّعر قائلاً :ـ


علاء الدِّين في شهر الصِّيام                       بعمَّته كبدر في تمام

شعار المصطفى حقَّاً أراه                         ينير بوجهه بين الأنام



كما كان يتردَّد في تلك الفترة إلى النَّجف الأشرف تردُّدات حوزويَّة إضافيَّة خاصَّة فدخل مدرسة أهليَّة نموذجيَّة حوزويَّة مجازة أيضاً وهي (مدرسة التَّحرير الثَّقافي الدِّينيَّة)، وكانت تعطي مجالا للامتحان الخارجي في آخر السنة والتَّحضير له في محل الاستقرار كلواء بغداد آنذاك، وهي أرقى من الابتدائيَّة فقضى ما عليه منها بنجاح جيِّد.

وبعد أن انتهى سماحته من دراسة المقدمات وأتمَّها بجدِّه ومواصلة تحصيله ونباهته واهتمامه وحماسه العلمي مع مزاولته التَّدريس لكثير من طلاَّبه آنذاك في المقدِّمات في حسينيَّة الكريمات وفي الكاظميَّة في غرفة مدفن الفرهاد ميرزا (قدس) باني الصَّحن الكاظمي الشَّريف وفي مسجد السيِّد المرتضى (قدس)، بدأ بدراسة السُّطوح على يد أعلام الكاظميَّة وبغداد آنذاك منهم أصحاب السَّماحة الحجج آيات الله:ـ
1 ـ السيد مسلم الحلِّي (قدس) أستاذ الأساتذة (قبل انتقاله الأخير إلى النَّجف) حضر عليه الأصولين أصول الفقه والكلام، وبالخصوص الجزء الأوَّل من الكفاية وشرح التَّجريد والدِّراية والحديث وبدايات الفقه خارجاً في حسينيَّة باب السيف في بغداد، وقد لخَّص لنفسه بعض التَّقارير.

2 ـ الشَّيح حامد الواعظي (قدس)، حضر عليه معالم الأصول والقوانين إلى المطلق والمقيَّد حيث المتعارف دراسيَّاً، والرَّسائل مع المغني والمعاني والبيان في الكاظميَّة.

3ـ الشَّيخ فاضل اللنكراني (قدس) أستاذ الأساتذة حضر عليه اللمعتين والمكاسب وشرح التَّجريد وشرح المنظومة وشرح المطالع وبعض المعارف الإلهيَّة الأخرى المهمَّة، وكان يكتب ويعلِّق على بعض ما يتلقَّاه من أستاذه الكبير.

وفي تلك الفترة حضر عليه كثيرون كذلك لتدريسهم في الكاظميَّة وفي حسينيَّة والده (الكريمات)، فبثَّ عليهم علومه الَّتي تلَّقاها من أساتذته واستقاها من علوم أهل البيت (ع)، ومنهم من كان واعظاً وخطيباً وإماماً للجماعة